تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
Al Shaqab logo

بيبو باتش:"الخيول فقط تمكنت من إعادتي للحياة"

تاريخ النشر
١٦/٠٣/٠٤

قد يتهيأ للبعض أن الفروسية رياضة سهلة، بالنظر إلى المحيط الرائع الذي تُقام فيه منافساتها، كمنشآت الشقب، ومشاركة فرسان وخيول مدربة على أفضل المستويات. لكن القصة الملهمة للفارس بيبو باتش، المشارك في مسابقة الترويض لذوي الاحتياجات الخاصة، تثبت لنا أن هذه ليست إلا تهيؤات، أبعد ما تكون عن الحقيقة.

 قد يتهيأ للبعض أن الفروسية رياضة سهلة، بالنظر إلى المحيط الرائع الذي تُقام فيه  منافساتها، كمنشآت الشقب، ومشاركة فرسان وخيول  مدربة على أفضل المستويات. لكن القصة الملهمة للفارس بيبو باتش، المشارك في مسابقة الترويض لذوي الاحتياجات الخاصة، تثبت لنا أن هذه ليست إلا تهيؤات، أبعد ما تكون عن الحقيقة.
 

وُلد باتش في جراز بالنمسا، عام 1966، وانطلق في عالم ركوب الخيل وعمره 15 سنة. وسرعان ما تجلت مواهبه، وسطع نجمه، فبات يمثل بلاده في منافسات الفروسية العالمية، التي شارك فيها لأول مرة في سنّ الـ21 عاماً.

بالنسبة له، كانت هذه بداية مشوار طويل يتوقعه في رياضة الفروسية. ويقول: "شاركت في العديد من المسابقات العالمية، ومنها على سبيل المثال سباقات التاج الذهبي الثلاثية، والألعاب الأولمبية".

وبالفعل، كان يبدو أن مستقبلاً مزهراً بانتظار بيبو، خاصة بعد مشاركته في الألعاب الأولمبية في أثينا عام 2004. إلا أن القدر كان يخبئ له مساراً مختلفاً. ففي يوم 31 اغسطس 2008، بدا أن العالم الرائع الذي رسمه بيبو على حافة الانهيار. كان يوماً عادياً، بدأه بالتدريبات مع حصانه، كعادته كل يوم، إلا أن حادثاً مفاجئاً أوقعه عن صهوة جواده، وغيّر مسار حياته إلى الأبد. يقول بيبو: "كنت أرتدي سترة السلامة، وهي التي تسببت بكسر عنقي عند الوقوع".

في لحظة، بدا أن مستقبل بيبو كفارس قد انتهى، خاصة مع الإصابة الخطيرة التي طالته، والتي تسببت له بالشلل من العنق إلى الأسفل، حيث فقد أي شعور بجسده، كما يقول.

 

إلا أن بيبو، الذي دائماً ما رفع شعار "ما يمكننا تخيله، يمكننا تحقيقه"، رفض أن يكون هذا الحادث سبباً في إنهاء علاقته بالخيل، وبهذه الرياضة بشكل خاص . ويقول: "كان لدي شعور دائم بأن سبب الحادث يعود لأسباب تقنية، وليست المشكلة مع الحصان نفسه". ويتابع قائلاً: "صحيح أني وقعت من على صهوة الحصان، لكنه الحصان نفسه الذي نافست معه في بطولات عديدة، كما كان الحصان الاحتياطي الذي أتركه لمنافسات الألعاب الأولمبية. لقد كان حصاناً أصيلاً مرهفاً".

بعد الإصابة، خضع بيبو لجلسات علاجية خاصة، هي عبارة عن جلسات علاج بركوب الخيل، والتي يتم خلالها استخدام الأحصنة للمساعدة في عملية إعادة التأهيل. وقد نجح في تخطي هذه المرحلة الطويلة والمضنية ببأس ورباطة جأش. ويقول: "في السابق، كنت أقوم بتدريب الحصان. أما اليوم فانعكست الأدوار، وبات الحصان هو الذي يدربني"، مضيفاً: "إنها حياة مختلفة بالكامل. لكنها حياة جميلة أيضاً".

وعلى الرغم من أن الكثير منا قد لا يتخيل امكانية عودته لركوب الخيل بعد الحادث المأساوي الذي ألزمه الفراش لستة أشهر، إلا أن بيبو لم يتخيل سيناريو آخر. ويقول: "أنا شخص كسول فعلاً، إذ لا أستطيع الالتزام بالتدريب الجيد من دون تحديد هدف أسعى لبلوغه. لذلك، كان من المهم بالنسبة لي وضع هذا الهدف، كأن أقول: أريد المشاركة في البطولة الأوروبية، ويجب أن أتدرب 6 ساعات يومياً لأتمكن من ذلك". ويتابع بالقول: "لكن ذلك لم يكن سهلاً بالنسبة لي، خاصة في البداية حين لم يكن بإمكاني حتى الجلوس. إذ كنت أقع عن الكرسي حين أحاول الجلوس. لكني بدأت بالتدريبات، واليوم بات بإمكاني التجول وقيادة سيارة. ويمكنني القول أن الأحصنة هي التي كان لها الفضل الأكبر في وصولي إلى هذه النقطة. وحدها الخيول  تمكنت من إعادتي للحياة".

يرى بيبو أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين الترويض والترويض لذوي الاحتياجات الخاصة: "إنهما مساران متماثلان، بنفس القواعد والأحكام. الفرق الوحيد بين منافسات ترويض الخيل العادية وتلك المخصصة (لذوي الاحتياجات الخاصة) أنه في الأخيرة يتم احتساب طريقة تعاملنا مع الحصان، وليس لقدرتنا على التحرك، لأننا لا نقدر على ذلك. لكن الذي يُحتسب هو تأثيرنا على الحصان، وهذا هو الفارق الوحيد. لذلك، فإنها رياضة حقيقية، وهذا ما يدفعني إلى حبها".

هذه النظرة الفلسفية الإيجابية التي يؤمن بها باتش كان لها أثر هائل في حياته حيث حقق العديد من الإنجازات  في السنوات الأخيرة، ففي بطولة لندن البارالمبية (لذوي الاحتياجات الخاصة)، حصل على الميدالية البرونزية قبل أن يحصد ذهبيتيين في البطولات الأوروبية في العام التالي في الدنمارك. وهو الآن من نجوم العالم البارزين في الترويض (فئة ذوي الاحتياجات الخاصة)، ويحتل الترتيب الثالث على مستوى العالم.

ويعلّق باتش على مشاركته في بطولة الشقب الدولية للفروسية 2016، التي حقق فيها انتصاراً كبيراً مع انطلاق منافسات الترويض (لذوي الاحتياجات الخاصة)، حيث حقق المركز الأول في منافسات المستوى (lb) مع حصانه فونتاينينوري، بالقول: "من الرائع بالنسبة لي أن أتواجد هنا. هذه المنشآت والمرافق توازي تلك المعتمدة في الألعاب الأولمبية، وهي فعلاً مذهلة. كان شعوراً رائعاً بالفوز، خاصة بعد عطلة شتوية طويلة، خاصة وأنه لا يمكن أبداً توقع أداء الحصان بعد عام. لذلك أنا سعيد جداً".

ويستذكر باتش مشاركته في البطولة بالقول: "كان يعتريني شعور بالخوف في البداية، لكن كل شيء سار على ما يرام". وهي كلمات تختصر مسار حياته حتى اليوم، حيث استطاع تخطي الصعاب وعاد ليثبت مجدداً أنه بالعزم يمكن قهر المستحيل.

 

الرجوع إلى قائمة الأخبار

اكتشف
الشقب

AL SHAQAB AIMS TO PROVIDE AN EDUCATIONAL AND CULTURAL EXPERIENCE TO ALL PERSONS IN QATAR.